داء الأمعاء الالتهابي والعلاقة بالأورام

في المرضى المصابين بداء الأمعاء الالتهابي تعتبر أورام القولون والمستقيم من أهم المضاعفات التي يجب مناقشتها مع المريض، حيث يعتبر الالتهاب المزمن العامل الرئيسي في الإصابة بها. و وُجد أيضا أن مرضى داء الأمعاء الالتهابي أكثر عرضة من عامة الناس للإصابة بأورام خارج الجهاز الهضمي مثل أورام القنوات المرارية والجلد وأورام الدم وغيرها . وفي هذا الجزء سنستعرض أهم المواضيع المتعلقة بهذا الخصوص وهي كالتالي :

أولاً: داء الأمعاء الالتهابي والعلاقة بالأورام الصلبة

أ- أورام القولون والمستقيم

مرضى داء الأمعاء الالتهابي أكثر عرضة للإصابة بأورام القولون مقارنة بغيرهم بشكل عام وفي حالة مرض القولون التقرحي بشكل خاص، وهذه الخطورة تتفاوت من حالة إلى أخرى.

حسب مدة المرض ,امتداد التهاب القولون, وجود أورام قولون في العائلة، ووجود مرض تصلب القنوات المرارية الاولي من عدمه 

وهناك تقارير ودراسات طبية متعددة أثبتت هذه العلاقة لكن ليست بالدرجة العالية كما كان يعتقد سابقا وليس في كل المرضى.

ولذلك يوصَى بعمل منظار للقولون بشكل دوري على تشخيص المرض حسب حالة المريض وتوفر عوامل الخطورة لديه وذلك لتشخيص أي نمو شاذ في العينات أو أورام في القولون

يُذكر أن عملية استئصال المستقيم والقولون تلغي خطورة الإصابة بسرطان القولون لكنها لا تلغي خطر الإصابة بسرطان الشرج أو السرطانات في منطقة التقاء الأمعاء الدقيقة مع الشرج 

ب- أورام الأمعاء الدقيقة

مرضى كرون (Crohn’s) المصابين بالتهاب يشمل الأمعاء الدقيقة لديهم احتمال أعلى للإصابة بأورام الأمعاء الدقيقة , وغالبا تنمو الأورام في المناطق الملتهبة بشكل مزمن . ويعد طول مدة المرض مع وجود تضيقات في الأمعاء أهم عوامل الخطورة للإصابة بالأورام 

ج- أورام القنوات المرارية

المرضى المصابين بداء الأمعاء الالتهابي وخصوصاً مرض القولون التقرحي أكثر عرضة للإصابة بأورام القنوات المرارية من عامة الناس, وهذه العلاقة بشكل رئيسي سببها علاقة الورم بوجود مرض التهاب القنوات المرارية التصلبي الاولي 

د- الأورام خارج الجهاز الهضمي والكبد

مرضى كرون بشكل خاص أكثر عرضة للإصابة بأورام القناة الهضمية العلويه (خصوصاً المعدة), الرئتين, المثانة البولية وبعض سرطانات الجلد، بينما في مرضى القولون التقرحي تبدو أورام القنوات المرارية والكبد وأورام الدم (اللوكيميا) أكثر شيوعا منها في عامة الناس 

ثانياً: داء الأمعاء الالتهابي والعلاقة بأورام الجلد والأورام الدموية والليمفاوية

أ- داء الأمعاء الالتهابي وعلاقته بالأورام الدموية والليمفاوية

المرضى المصابين بداء الامعاء الالتهابي لديهم قابلية أعلى من عامة الناس للاصابة بالاورام الدموية والليمفاوية 

مرضى القولون التقرحي بالأخص أكثر قابلية للإصابة بأورام الدم مثل اللوكيميا (leukemia)  بينما مرضى كرون أكثر عرضة للإصابة بالأورام الليمفاوية (Lymphoma)

و تشمل عوامل الخطورة للإصابة بالأورام الدموية والليمفاوية بداية المرض في عمر مبكر, كون المريض ذكر والتقدم في السن أكثر من 65 سنة 

ب- داء الأمعاء الالتهابي وعلاقته بأورام الجلد

لدى مرضى كرون والقولون التقرحي قابلية أعلى من عامة الناس للإصابة ببعض أورام الجلد, ويعتبر تقدم عمر المريض من أهم عوامل الخطورة بالإضافة إلى التعرض لأشعة الشمس والذي يعتبر بشكل عام عامل رئيسي في نشوء أغلب أورام الجلد , وهناك عوامل أخرى معروفة مثل قابلية البعض جينياً وأخرى غير معروفة

ولذلك يُنصح بفحص الجلد بشكل دوري لمرضى داء الأمعاء الالتهابي عن طريق طبيب الجلدية, طبيب عام أو طبيب أمراض الجهاز الهضمي. ولا يقتصر الفحص على المناطق المعرضة للشمس بل يشمل أيضاً المناطق الأخرى مع التأكيد على المرضى التنبه لأي تغيرات تطرأ على الجلد وإخبار الطبيب بذلك

ومن أهم النصائح التي تعطى للمرضى تجنب التعرض الزائد لأشعة الشمس واستخدام واقيات الشمس عند الضرورة، خصوصاً للمرضى الذين يستخدمون أكثر من علاج مناعي 

ثالثاً: الاورام المرتبطة بعلاجات داء الأمعاء الالتهابي

مرضى داء الأمعاء الالتهابي الذين يتلقون علاجات ثيوبورينس (thiopurines) هم معرضون لخطر الاصابة بأمراض السرطان أكثر من غيرهم ، لكن لا يوجد حاليا اي اثبات علمي يدل على أن العلاجات البيولوجية وحدها تزيد خطر الاصابة بأمراض السرطان عموماً

وتعتبر أورام الغدد الليمفاوية وبعض أنواع سرطان الجلد أهم الأورام التي تزيد احتمالية حدوثها لدى المرضى الذين يستخدمون علاجات ثيوبورين، بينما يزداد خطر سرطان الجلد (الميلانوما تحديدا) بمعدل 1,32 أضعاف في المرضى الذين يتلقون العلاجات البيولوجية مقارنة بأقرانهم من عامة الناس

ويزداد خطر الاصابة بسرطان الغدد الليمفاوية التائية الكبدية في المرضى الذين يتلقون علاجات ثيوبورينس والعلاجات البيولوجية معاً، ومن الممكن الحد من هذه الخطورة عن طريق قصر مدة العلاج مجتمعة إذا أمكن

رابعاً: إدارة علاج مرضى داء الأمعاء الالتهابي الذين لديهم تاريخ مرضي في أمراض السرطان

في مرضى داء الأمعاء الالتهابي الذين لديهم تاريخ مرضي في أورام السرطان، زيادة خطر الإصابة بسرطان جديد أو متكرر يزيد بمعدل ضعفين مقارنة مع المرضى الذين لم يصابوا بالسرطان أبدا، بغض النظر عن العلاجات المثبطة للمناعة سواء أُعطيت أو لم تُعطى 

ولا تُظهر البيانات الأولية عن داء الأمعاء الالتهابي أي خطر زائد واضح في الاصابة بسرطان جديد أو متكرر في حال العلاج بالعلاجات البيولوجية وحدها 

وتُدار جميع حالات السرطان في مرض داء الأمعاء الالتهابي بفريق طبي متعدد التخصصات. لكن بشكل عام، يجب أن تتوقف علاجات ثيوبورينس ، مثبطات الكالسينيورين، والعلاجات البيولوجية حتى يتم الانتهاء من علاج السرطان على الأقل 

في المرضى الذين يعانون من مرض نشط في داء الأمعاء الالتهابي وتاريخ مرضي في أورام السرطان، علاجات 5-أمينوساليسيلاتس، والعلاجات الغذائية، وعلاجات الكورتيزون الشرجية يمكن استخدامها بأمان. وفي الحالات الشديدة منها التي لا تستجيب لهذه العلاجات، يتم النظر في استخدام العلاجات البيولوجية، علاج الميثوتريكسيت، علاجات الكورتيزون قصيرة المدى، أو الجراحة أو مجتمعة ، على أساس كل حالة على حدة

في المرضى زارعي الأعضاء والمصابين بمرض داء الأمعاء الالتهابي وسبق لهم العلاج من أورام السرطان ، فاستناداً للبيانات الموجودة ينبغي للأطباء النظر في تأخير استئناف العلاجات المثبطة للمناعة لمرض داء الأمعاء الالتهابي، وذلك بسبب خطر الإصابة بتكرار الورم، وذلك لمدة سنتين بعد الانتهاء من علاج السرطان. ويمكن تمديد التأخير إلى 5 سنوات إذا كان خطر تكرار السرطان من متوسط إلى عالي الخطورة 

خامسا: تأثير العلاج الكيميائي على داء الامعاء الالتهابي

الأدلة المحدودة تشير إلى أن مرض داء الأمعاء الالتهابي يمكن أن ينشط عن طريق العلاجات الهرمونية، والتهاب الاغشية المخاطية الناجم عن بعض العلاجات الكيميائية، أو العلاجات المحفزة للجهاز المناعي، وحدها أو مجتمع 

في المرضى الذين يعانون من مرض نشط وقت تشخيص مرض السرطان، يمكن أن يحصل لهم انخفاض في حدة المرض أو عدم نشاط للمرض وذلك بسبب الآثار المثبطة للمناعة لعلاج السرطان على الرغم من سحب العلاجات المثبطة للمناعة لمرض داء الأمعاء الالتهابي 

المصادر

Vito Annese , et al.European Evidence-based Consensus: Inflammatory Bowel Disease and Malignancies . Journal of Crohn’s and Colitis, 2015, 945–965

Lutgens MWMD, van Oijen MGH, van der Heijden GJMG, et al. Declining risk of colorectal cancer in inflammatory bowel disease: an updated meta-analysis of population-based cohort studies. Inflamm Bowel Dis,2013;19:789–99.

Williams CJ, Peyrin-Biroulet L, Ford AC. Systematic review with metaanalysis:

malignancies with anti-tumour necrosis factor-alpha therapy in

inflammatory bowel disease. Aliment Pharmacol Ther 2014;39:447–58.

حمود عائض الغامدي

رئيس اطباء الزمالة في برنامج امراض الجهاز الهضمي والكبد في مدينة الرياض للعام الحالي 2017-2018.
البورد السعودي للطب الباطني – مدينة الملك عبدالعزيز الطبية , الحرس الوطني . 2015.
بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الدمام , 2010

فؤاد حسين محمد

مواليد المدينة المنورة عام 1983م
حاصل على شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في تقنية المختبرات الطبية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 2006م
حاصل على شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الطب والجراحة من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بالرياض عام 2011م
خريج البورد السعودي للباطنة من مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني بالرياض في الفترة (2011م- 2015م)
طبيب زمالة تخصص دقيق في برنامج زمالة الجهاز الهضمي والكبد بالرياض (2016 حتى الان)

عمر صالح المنصور

متدرب برنامج الزمالة السعودية لأمراض الجهاز الهضمي و الكبد للكبار (2016-2018)
البورد السعودي في الطب الباطني2011-2015
معيد في كلية الطب جامعة القصيم 2008
بكالوريوس في الطب و الجراحة جامعة القصيم

مشاركة:

Facebook
Twitter
WhatsApp

مقالات أخرى

شاركنا برسالة

أشترك في نشرتنا البريدية ليصلك كل جديد

Subscription Form