فهم اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية المصاحبة لمرض الأمعاء الالتهابي

اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية (FGIDs) شائعة وتؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد المصابين بمرض التهاب الأمعاء (IBD). في حين أن مرض الأمعاء الالتهابي، بما في ذلك داء كرون والتهاب القولون التقرحي، يتميز بالتهاب مزمن في الجهاز الهضمي، ولذا فإن اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية هي اضطرابات ناتجة عن خلل في تنظيم محور الأمعاء والدماغ، مما يؤدي إلى أعراض معوية مزمنة ومتكررة دون أي تغيرات تركيبية أو كيميائية واضحة.

يعاني حوالي 25% من مرضى داء الأمعاء الالتهابي الخامل (غير النشط) من أعراض ناتجة عن اضطراب الأمعاء الوظيفي. يمكن أن تكون هذه الأعراض مشابهة لأعراض مرض الأمعاء الالتهابي، مما يجعل التشخيص صعباً. ومع ذلك، فإن التعرّف على هذا المرض وعلاجه أمر بالغ الأهمية لتجنب الاستخدام غير الضروري للكورتيزون أو تكثيف علاجات مرض الأمعاء الالتهابي.

الأنواع الشائعة من اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية المصاحبة لمرض الأمعاء الالتهابي :

  1. متلازمة القولون العصبي (IBS) : تتميز بألم في البطن وتغير في عادات الأمعاء (إسهال أو إمساك أو كليهما) دون ظهور أي علامات واضحة لالتهاب الأمعاء.
  2. عسر الهضم الوظيفي: تشمل الأعراض اضطرابات في الجزء العلوي من البطن والانتفاخ والشبع المبكر دون أي تغيرات تركيبية.
  3. إمساك وظيفي: قلة التبرز، وصلابة البراز، وصعوبة في إخراج البراز غير الناجم عن التهاب أو تضيقات مرتبطة بمرض الأمعاء الالتهابي.
  4. إسهال وظيفي: إسهال مزمن دون علامات الالتهاب التي تظهر عادةً في مرض الأمعاء الالتهابي النشط.
  5. آلام البطن الوظيفية: ألم متكرر في البطن غير مفسر بأي علامات يمكن ملاحظتها.

الفسيولوجيا المرضية والتشخيص:

تتعدد العوامل المؤدية إلى الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي. تشمل العوامل الرئيسية تغير حركية الجهاز الهضمي، وخلل في ميكروبات الجهاز الهضمي، وآثار الأدوية، والعمليات الجراحية السابقة، واختلال نفاذية الأمعاء، وتنشيط الجهاز المناعي، وفرط الحساسية المعوية. تساهم هذه العوامل في الأداء غير الطبيعي للجهاز الهضمي.

محور الأمعاء والدماغ:

يلعب المحور المعوي الدماغي دوراً هاماً في اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية. وهو مسار ثنائي الاتجاه حيث يمكن أن تؤثر أعراض الجهاز الهضمي على الحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب، والعكس صحيح؛ حيث يظهر حوالي 50% من المرضى الذين يعانون من حالات نفسية مصاحبة لمرض التهاب الأمعاء المزمن أعراضاً معوية قبل الأعراض النفسية، مما يسلط الضوء على تأثير محور الأمعاء والدماغ.

انتشار اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية بين مرضى داء الأمعاء الالتهابي والتقدم في علاجها:

ازداد معدل انتشار اعتلالات الجهاز الهضمي الوظيفية لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي بعد التطورات الأخيرة في علاج مرض الأمعاء الالتهابي. لقد أدت الاستراتيجيات العلاجية والأدوية المتطورة إلى تحسين السيطرة على الالتهاب وارتفاع معدلات التعافي التنظيري والنسيجي. ومع ذلك، وعلى الرغم من تحقيق التعافي، فلا يزال العديد من المرضى يعانون من أعراض اضطراب الجهاز الهضمي الوظيفي.

يمكن أن يُعزى هذا التناقض إلى عدة عوامل:

  1.  الأعراض الوظيفية المتبقية: حتى بعد الشفاء من الالتهاب، يمكن أن يعاني المرضى من أعراض مستمرة بسبب تغير حركة الأمعاء وفرط الحساسية.
  2. الآثار الجانبية للعلاج: قد تؤدي بعض الأدوية المستخدمة في علاج مرض الأمعاء الالتهابي في ظهور أعراض اضطراب الأمعاء الوظيفية. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر بعض الأدوية البيولوجية ومثبطات المناعة على وظيفة الأمعاء والميكروبيوم.
  3. العوامل النفسية: يمكن أن تؤدي الطبيعة المزمنة لمرض الأمعاء الالتهابي إلى القلق والاكتئاب والتوتر، والتي بدورها تؤدي إلى تفاقم أعراض التهاب الأمعاء المزمن من خلال محور الأمعاء والدماغ.
  4. تغيرات ميكروبيوم الأمعاء: يمكن أن يؤدي التقدم في العلاج إلى تغيير ميكروبيوم الأمعاء.

استراتيجيات العلاج:

على الرغم من انتشار اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية لدى مرضى داء الأمعاء الالتهابي، إلا أن عدداً قليلاً من التجارب العشوائية المضبوطة قيّمت التدخلات العلاجية لاضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية ومرض الأمعاء الالتهابي معا. وعادةً ما يتبع أسلوب العلاج التوصيات الخاصة باضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية، مع مراعاة التعديلات التي تلائم تغير تشريح الجهاز الهضمي ووظائفه لدى مرضى الأمعاء الالتهابي.

تشمل استراتيجيات العلاج الرئيسية ما يلي:

  1. علاج الأعراض: من الضروري تكييف العلاجات مع الأعراض السائدة. كما يمكن أن تلعب التعديلات الغذائية دورًا مهمًا في إدارة الأعراض.
  2. التدخلات الغذائية: أظهرت الحمية الغذائية منخفضة الفودماب نتائج واعدة في السيطرة على أعراض الاضطرابات الوظيفية. FODMAPs هي سكريات قابلة للتخمر متعددة وسكريات ثنائية وسكريات أحادية وبوليولات) موجودة في بعض الأطعمة. يمكن أن يساعد تقليل تناول هذه المواد في تخفيف أعراض مثل الانتفاخ والغازات وآلام البطن.

   – أمثلة على الأطعمة عالية الفودماب التي يجب تجنبها:

     – الفواكه: التفاح والكمثرى والكرز

     – الخضراوات: البصل والثوم والقرنبيط

     – منتجات الألبان: الحليب، واللبن، والزبادي، والأجبان الطرية

     – الحبوب: منتجات القمح مثل الخبز والمعكرونة

     – المحليات: شراب الذرة عالي الفركتوز والمحليات الصناعية مثل السوربيتول

   – أمثلة على الأطعمة منخفضة الفودماب:

     – الفواكه: الموز، والتوت الأزرق، والفراولة

     – الخضروات: الجزر والسبانخ والكوسة

     – منتجات الألبان: الحليب الخالي من اللاكتوز و الأجبان الصلبة

     – الحبوب: الأرز والشوفان والمنتجات الخالية من الجلوتين

     – المحليات: شراب القيقب والسكر

  1. التدخلات النفسية: العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاجات النفسية الأخرى يمكن أن تساعد في السيطرة على القلق والاكتئاب، وتحسين أعراض الجهاز الهضمي بشكل عام.
  2.  الأدوية: اعتمادًا على الأعراض، يمكن أن تكون الأدوية المختلفة سواء مضادات التقلصات او مضادات الاكتئاب والعلاجات الخاصة بالأمعاء مفيدة.
  3. تعديل نمط الحياة: تعتبر ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتقنيات التحكم في التوتر والنوم الكافي من الأمور الحاسمة لإدارة كل من الاضطرابات الوظيفية ومرض الأمعاء الالتهابي.

زيادة الوعي:

إن رفع مستوى الوعي حول اعتلالات الجهاز الهضمي الوظيفية المصاحبة لمرض الأمعاء الالتهابي أمر حيوي لتحسين نتائج المرضى وجودة حياتهم. يحتاج المرضى ومقدمي الرعاية الصحية إلى إدراك التداخل بين الاضطرابات الوظيفية ومرض الأمعاء الالتهابي وأهمية اتباع نهج علاج شامل.

في الختام، تعد اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية شائعة لدى الأفراد المصابين بمرض الأمعاء الالتهابي وتؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم. يعد فهم الفسيولوجيا المرضية والتعرف على الأعراض وتنفيذ استراتيجيات علاجية خاصة خطوات أساسية في تحسين رعاية المرضى.

 من خلال زيادة الوعي، يمكننا أن نضمن تشخيصاً وعلاجاً ورفاهية أفضل للمصابين بهذه الاضطرابات المعوية المعقدة في الجهاز الهضمي.

المصادر

*Lim, J., & Rezaie, A. (2023). Irritable bowel syndrome-like symptoms in quiescent inflammatory bowel disease: A practical approach to diagnosis and treatment of organic causes. Digestive Diseases and Sciences, 68(9), 4081-4097 https://doi.org/10.1007/s10620-023-08095-w

*Fairbrass KM, Costantino SJ, Gracie DJ, Ford AC. Prevalence of irritable bowel syndrome-type symptoms in patients with inflammatory bowel disease in remission: a systematic review and meta-analysis. Lancet Gastroenterol Hepatol. 2020;5:1053-1062.

* Abdalla Mi, Sandler RS, Kappelman MD,Martin CF, Chen W, Anton K, et al. Prevalence and impact of inflammatory bowel disease-irritable bowel syndrome on patient-reported outcomes in CCFA partners. Inflamm Bowel Dis. 2017:23:325-331.

*Pimentel M, Saad RJ, Long MD, Rao SSC. ACG clinical guideline: small intestinal bacterial overgrowth. Am J Gastroenterol. 2020;115:165-178.

*Lee JM, Lee KM, Chung YY, Lee YW, Kim DB, Sung HJ, et al. Clinical significance of the glucose breath test in patients with inflammatory bowel disease. J Gastroenterol Hepatol. 2015;30:990-994.

*Wanzl J, Grohl K, Kafel A, Nagl S, Muzalyova A, Golder SK, et al. Impactof small intestinal bacterial overgrowth in patients with inflammatory bowel disease and other gastrointestinal disorders-a retrospective analysis in a tertiary single center and review of the literature. J Clin Med. 2023. https:// doi.org/10.3390/jcm12030935.

*Ghoshal UC, Yadav A, Fatima B, Agrahari AP, Misra A. Small intestinal bacterial overgrowth in patients with Inflammatory bowel disease: a case control study, Indian J Gastroenterol 2022.41:96-103.

*Ramos LR, Sachar DB, DiMaio CJ, Colombel JF, Torres J. Inflammatory bowel disease and pancreatitis a review J CrohnsCobitis 2016,10:95-104.

*Massironi S, Fanetti I, Vigano C, Pirola L, Fichera M, Cristoferi L, et al. Systematic review-pancreatic involvement in inflammatory bowel disease. Aliment Pharmacol Ther. 2022:55:1478-1491.

*Lohr JM, Dominguez-Munoz E, Rosendahl J, Besselink M. Mayerle J, Lerch MM, et al. United European gastroenterology evidence-based guidelines for the diagnosis and therapy of chronic pancreatitis (HaPanEU). United European Gastroenterol J. 2017;5:153-199.

*Dellon ES, Gonsalves N, Abonia JP, Alexander JA, Arva NC, Atkins D, et al. International consensus recommendations for eosinophilic gastrointestinal disease nomenclature. Clin Gastroenterol Hepatol. 2022:20:2474-2484 e3.

*Walsh RE, Gaginella TS. The eosinophil in inflammatory bowel disease. Scand J Gastroenterol. 1991:26:1217-1224.

محمد سعود السليمي

إستشاري باطنة وجهاز هضمي وكبد
الزمالة الكندية في الأمراض العصبيه الهضمية وحركية الأمعاء
رئيس وحدة المناظير في مستشفى الملك سعود، عنيزة - القصيم

    أشترك في نشرتنا البريدية ليصلك كل جديد

    Subscription Form